الأحد، 2 أغسطس 2009

...

إنك لا تعرف قيمة "الشيء"، حتى تفقده، لابد من غيمة تحجب صفحة القمر الناصعة لتغرق في بحر من الظلمات
حينها فقط، ستدرك أن للقمر وجها جميلا، يطالع الدنيا من الأعالي، ستعرف أنه بعيد، وقد كان ضوءه قريب منك، يغمرك قبل قليل.. إن هذه الغمية رسول، لا هم له سوى رسالة واحدة: أن تذكر يا هذا فضلا كنت تنكره ولا تشعر به


وأنا !
تضيق الأرض بما رحبت ومن رحبت، وهم هناك-تبا لكل إشارات البعيد-
تفصلنا المسافات، نعم
لكن تلتصق أرواحنا بهم، نكاد أن نقبل ظهر غيابهم، أو ننحني لنلتقط ذكرى خلفوها ورائهم

إن السهام البعيدة تصيب وتؤلم، لكن السهام القريبة من القلب. تقتل،
وتصيب هدفها مباشرة، حتى لو كانت سهاما عشوائية، ألقيت بلا احتراف أو تدقيق.

و من أقسى الأشياء، هو الشعور بالعجز، عجز أن تدرك غاية، أو تحقق هدفا،
لو كان الأمر يعنيك أنت وحدك، لهان كل شيء، فأنت أقدر على حمل مسؤلية نفسك، وإدراك أبعادها، وجَلدها
ولكن أن تعجز أن تمد يد العون لهم، أن تراهم من بعيد وهم يغرقون، هم يلوحون لك لا إراديا، لأنهم يحبونك
وأنت منتهى أملك، أن تموت، أن تتقطع إربا ولا تصيبهم شوكة واحدة،
ومع كل هذا..أنت غير قادر على فعل أي شيء..أي شيء
غير قادر على المواساة ، أو إخبارهم كم تحبهم، كم تقدس لحظات سعادتهم
أنت غير قادر على أكثر الأشياء بساطة؛ ولو تحطيم العبارات التقليدية على أعتاب أرقك
(ليته في ولا فيك)
(ما تشوف شر)
(رب يسلمك من كل سوء)
أنت غير قادرعلى أن تجس نبضهم، حرارتهم، أن تقبل جبينهم، تضمهم إليك، وترخي لهم جناح الذل من الرحمة
إني لأقدس أحبابي، للحد الذي يجعلني أتمنى أن أقبل أقدامهم، تراب الأرض الذي يمشون عليه، ولن يكفي !
وقد أسررت لأحد أصدقائي، ووصيته أن يطبع قبلة على جبين الهواء في بلادهم، وكان طيبا جدا، فوعدني أن يفعل !

الأكثر صعوبة، عندما تمتلك قلبا، يألم لكل الناس، خيارهم وشرارهم، يحنو على البعيد والقريب
"كأنهم في كل القلوب، فمن بكى بكيت له، والحر بالناسِ يُخدع"*
فكيف يكون مع من يقطنون به؟؟



فيا أيها القريب البعيد، يا من تملك قلبا..نحن أكثر حرصا منك عليه
وجسدا، من فرط اقترابنا منه، تتداعى له أعضائنا بالسهر والحمّى
رفقا بقلب أسخنته الجراح
وعبثت به السهام والندوب فأضحى كالغربال
رفقا، فما بقي شيء لم يكسر
رفقا بقلب، تهشم، فأصبح شظايا
رفقا بنفسك، نفسي، فأنا أنت لوتدرى !

لو كنتِ بعيدة، فأنت كالسماء
تلامس أرضي، عند الأفق
فكوني ابتداء الجمال، بلا نهاية..
كوني شمسا، وقمرا
كوني بحرا، وسماء، ونجوما، وسفنا
كوني مطرا، ورعدا، وغيوما
كوني حياة، ضحكة طفل، اشتباك أصابع
كوني صدقة سر، غوث ملهوف، طوق نجاة
كوني نيلا، وخيرا، فراتا، وعافية، جسراً، وأحبة
كوني بردا وسلاما
فإني أحترق، ولا عاصم لي اليوم سوى عافيتك
عودي "أيتها الشقية"، كي يخفق قلبي من جديد
تألقي، كي يعاود الدم مسيره في شراييني
ولو كنتُ جريحا !
سوف أمشي على أطراف ألمي، كي لا يزعجك الأنين . !


___

- حفظ الله لكم أحبتكم
* الرافعي: بتصرف




3 comments:

غير معرف يقول...

محمد..ليس جميلا فحسب
كأن كلامك وكلام الرافعي تعبير عن اختلاجات الكثير ممن اعرف وممن تعرفهم أيضا
يبلغ بنا الرفق -بقلوب من نحب- احيانا الى حد انكار جراحنا بنا -على ايديهم- خوفا على قلوبهم من تأنيب الضمير
ان كنت من زمرة احبابك محمد فاني اقدر اهتمامك حتى ان كان في صمت..
ان كنت منهم حقا سأسعى أن لا أشعرك بألم من هذا النوع..
تدري؟ اكتب "ان كنت منهم"بيد مرتجفة خوفا من ان يكون الجواب محسوم لديك بالايجاب فأغضبك مني بسؤالي
.
.
يوسي

غير معرف يقول...

واقترب منك بعيدين كُنت ولازلت تحبهما :)

محمد العرفي يقول...

@ يوسي

(:

@ الغير معروف

ربما !